تسوية الوضعية المادية والمهنية لجهاز تفتيش الشغل بين الملاءمة المعيارية والالتزام الحكومي

 

الحسن حميشت

 عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية المستقلة لهيئة تفتيش الشغل

دخلت المعركة المطلبية لجهاز تفتيش الشغل منعطفًا جديدًا بعد إعلان الحكومة في بلاغها المؤرخ في 30 أبريل 2025، عقب جولة أبريل 2025 للحوار الاجتماعي الوطني، عن عزمها فتح النقاش حول مراجعة النظام الأساسي الخاص بهيئة مفتشي الشغل قصد تحسين ظروف العمل.

فرغم أن الاتفاقيتين الدوليتين اللتين تهمان تفتيش الشغل، رقم 81 و129، الصادرتين عن منظمة العمل الدولية، صُنفتا ضمن اتفاقيات الحكامة ذات الأولوية، ورغم أن المغرب صادق عليهما على التوالي منذ سنة 1958 و1979، واللتين تنصان على تمكين مفتشي الشغل من وضع يضمن لهم الاستقرار الوظيفي والاستقلالية المزدوجة عن التغيرات الحكومية والتأثيرات الخارجية غير السليمة، فلا زالت وضعيتهم الإدارية والمهنية، بعد 67 سنة من مصادقة المغرب على المعايير الدولية ذات الصلة، تراوح مكانها.

بل الأخطر والأدهى أنها تخضع، بموجب النظام الأساسي الحالي المؤرخ في 8 يوليوز 2008، لنفس وضعية الأطر المماثلة، هيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات تحديدًا، من حيث نظام التعويضات والترقية والدرجات والأرقام الاستدلالية ومختلف الحقوق والواجبات.

وأصبحنا أمام “جِنيس” جديد ومتحور مهني اسمه: المتصرف المكلف بتفتيش الشغل، في محاولة حكومية بئيسة ويائسة لطمس هوية تفتيش الشغل وهدم أركانه، ومعاكسة إرادة المشرع الدولي الاتفاقي الذي وضع الإطار المعياري العام في حده الأدنى أمميًا لتنظيمه، والذي تتجاوز الضمانات الممنوحة له، بموجب تلك الشرعية الدولية، بكثير ما هو مقرر في القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية المؤرخ في 24 فبراير 1958.

فهل ستتمكن حكومة عزيز أخنوش – حكومة الدولة الاجتماعية – من إصلاح ما أفسدته الحكومات المتعاقبة، التي تنظر للأسف إلى جهاز تفتيش الشغل وكأنه شر لا بد منه، وتُدخل الفرحة على مكوناته، وهي على مشارف الاحتفال بالذكرى المئوية لإحداثه، التي تصادف يوم 13 يوليوز من السنة المقبلة، باعتباره أقدم جهاز رقابي بالمغرب؟

فتعمد إلى تنزيل المقتضيات الدستورية القاضية بسمو الاتفاقيات الدولية، من خلال الإسراع والتعجيل بالملاءمة المعيارية عبر تعديل مرسومي التعويض عن الجولات والنظام الأساسي، في أفق زمني لا يتجاوز قانون مالية 2026 وبأثر رجعي، بما يحقق من جهة جبرًا للضرر الجماعي الجسيم الحاصل على مستوى استرداد المصاريف والتحملات الخاصة المتنوعة التي تفرضها أعباء الوظيفة، ومن جهة ثانية إنصافًا لهيئة تفتيش الشغل من خلال تمكينها من نظام أساسي يضمن لها التحصين المادي والمهني، ويجعلها قادرة على القيام بعملها بحرية وحياد واستقلالية، وعلى الانخراط في التحديات الجديدة والديناميات المرتبطة بالأوراش الإصلاحية المهيكلة ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، دام له النصر والتمكين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم