عضو النقابة الوطنية المستقلة لهيئة تفتيش الشغل
صحيح أن المشرع حاول إيجاد سبيل لحماية بعض الفئات الخاصة من الأجراء بفعل وضعيتهم الحساسة داخل المقاولة اذ غالبا ما يراهم المشغل مصدر ازعاج داخل المقاولة بفعل ما يقومون به من دور على مستوى تأطير الاجراء وتوعيتهم بحقوقهم كمؤسسة مندوب الأجراء او الممثل النقابي.
وجاءت هذه الحماية مكرسة بموجب نص المادة 457. إلا أنه وحسب اعتقادي ما كان على المشرع أن يجعل من مفتش الشغل وسيلة لحماية مندوب الأجراء عبر اشتراط موافقته على الإجراء التأديبي المزمع اتخاذه. ذلك أن الإجراء التأديبي الذي يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب الأجراء تكون قد سبقته وقائع وحيثيات وتفاصيل جد دقيقة لا يكون بوسع مفتش شغل الإلمام بها لبناء قناعته وتصوراته بما يسمح له باتخاذ مقرر عادل في هذه الحالة.
ثم إن اشتراط موافقة مفتش الشغل على الإجراء التأديبي الذي يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب الاجراء يتعارض مع حياد المفتش، لأنه بصرف النظر عن التعليل، سيؤول دائما قرار المفتش بأنه انحياز الى جهة معينه؛ إما لصالح المؤسسة إذا قرر الموافقة، وإما لصالح الأجير إذا قرر الرفض، لذا فتدخل مفتش في هذه الحالة يقوض من حياده حسب اعتقادي.
ولئن أجمع قضاء النقض في اجتهاداته المتواترة، بأن مفتش الشغل لا يتدخل في مسطرة الاستماع إلا على سبيل الإخبار بمآل المسطرة باعتباره شخص أجنبي عن النزاع، فإنه لذات المنطق يجب ألا يتدخل مفتش الشغل في سلطة المشغل بشأن تأديب مندوب الأجراء.
إن مفتش الشغل وهو بصدد تعليل قراره بالموافقة من عدمها بشأن مقرر الإجراء التأديبي المزمع اتخاذه، سيضطر إلى مراقبة هذا المقرر ويتأكد من مدى توفر شروطه القانونية خاصة المنصوص عليها في الفصول 62 و63 و64 و65 من مدونة الشغل، وهو ما سيجعله يقوم بنفس الدور المناط بالقاضي والتي أشارت إليه الفقرة الأخيرة من المادة 42: "تخضع لمراقبة السلطة القضائية القرارات التي يتخذها المشغل في إطار ممارسة سلطته التأديبية". وهو ما يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلط الإدارية والقضائية.
ورأينا هذا لا يهدف البتة إلى تجريد مؤسسة مندوب الاجراء من أية حماية، وإنما نرى فقط أنه يتوجب التفكير في حماية أخرى تبقى بعيدة عن تدخل مفتش الشغل.
